0

تحليل قصيدة هاج لي الشوق للسان الدين بن الخطيب

اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليتحليل قصيدة هاج لي الشوق للسان الدين بن الخطيبتحليل اللوحة الأولى (لوحة البرق)تألّقَ نجْدِيّاً فأذْكَرَني نجْدا:::وهاجَ ليَالشّوْقَالمُبَرِّحَ والوَجْداوَميضٌ رأى بُرْدَ الغَمامَةِ مُغْفَلاً:::فمَدّ يَداً بالتِّبْرِ أعْلَمَتِ البُرْداتبسَّمَ في بحْرِيّةٍ قدْ تجهّمَتْ:::فَما بَذَلَتْ وصْلاً ولا ضَرَبَتْ وعْداوراوَدَ منْها فارِكاً قدْ تمنّعَتْ:::فأهْوى لَها نصْلاً وهدّدَها رعْدافأغْرى بها كفَّ الغِلابِ فأصْبَحَتْ:::ذَلولاً ولمْ تسْطِعْ لإمرَتِهِ رَدّافحُلَّتُها الحمْراءُ منْ شَفَقِ الضُّحى:::نَضاها وحَلَّ المُزْنُ منْ جِيدِها عِقْدالكَ اللهُ منْ برْقٍ كأنّ وَميضَهُ:::يَدُ السّاهرِ المقْرورِ قد قدَحَتْ زَنْداتعلّمَ منْ سُكّانِهِ شيَمَ النّدى:::فغادَرَ أجْزاءَ الحِمى رَوْضَةً تنْدىوتوّجَ منْ نُوّارِها قُنَنَ الرُّبى:::وختّمَ منْ أزْهارِها القُضُبَ المُلْدالَسُرْعانَ ما كانتْ مَناسِفَ للصِّبا:::فقدْ ضحِكَتْ زَهْراً وقد خجِلَتْ وَرْدابِلادٌ عهِدْنا في قَراراتِها الصِّبا:::يقِلُّ لِذاكَ العهْدِ أنْ يألَفَ العهْداإذا ما النّسيمُ أعْتَلَّ في عَرَصاتِها:::تَناولَ فيها البانَ والشّيحَ والرّنْدافكمْ في مَجاني وَرْدِها منْ علاقَةٍ:::إذا ما اسْتُثيرَتْ أرْضُها أنْبَتَتْ وجْداإذا اسْتَشْعَرَتْها النّفْسُ عاهَدَتِ الجَوى:::إذا التَمَحَتْها العيْنُ عاقَدَتِ السُّهْدا.يفتتح الشاعر قصيدته بلوحة غزلية، وذلك بشروعه بالحديث عن علاقته بالمكان، فذكر أرض نجدٍ أمامه قد أثار هواجسه وعاطفته، ودفعه لقولالشعر؛ لأن هذا المكان كان محبوبه فيه، فكل مكان أو شيءٍ يرتبط بهذا المحبوب يثير عاطفة الشاعر، وهذا المحبوب هو الرسول -صلى الله عليه وسلم-.ثم يصف الشاعر الوميض الذي لمع فجأةً أمامه، إذ إنّ السماء قد أبرقت، فكان الوميض الذي ظهر أمامه نازلاً من السماء مثل يد تنثر التبر في أثناء مدّها، فأثار رعب الشاعر، ووصف حالته بأنّه يشعر أنّ البرق قد تبسّم له، ثم أعقب تبسمه صوت هادر وهو الرعد، فشبّه الشاعر صوته بصوت السيف وهو يهوي على ضحيته، فخلّف هذاالبرق والرعدشفقًا أحمر قانيًا، وتشكل الغيم في السماء على هيئة عقد.

ومن ثمّ يتحدث الشاعر عن أثر هذا البرق والمطر، إذ على الرغم من الرعب الذي أثاره، إلا أنّه قد ترك الأرض منبتةً خضراء، فبسبب هذا البرق والمطر انتعشت الأرض، وأخرجت خيراتها.تحليل اللوحة الغزليةومنْ عاشِقٍ حُرٍّ إذا ما اسْتَمالَهُ:::حَديثُ الهَوى العُذْريِّ صيَّرَهُ عَبْداومنْ ذابِلٍ يحْكي المُحبّينَ رِقّةً:::فيَثْني إذا ما هَبَّ عَرْفُ الصَّبا قَدّاوأنّسَ قَلْبي فهْوَ للعَهْدِ حافِظٌ:::وقَلّ على الأيّامِ مَنْ يحْفَظُ العَهْداصَبورٌ وإن لمْ تَبْقَ إلا ذُبالَةٌ:::إذا استَشْعَلَتْ مسْرى الصَّبا اشْتَعَلَتْ وَقْداخَفوقٌ إذا الشّوْقُ استَجاشَ كَثيبَةَ:::تَجوسُ دِيارَالصّبْرِكانَلها بَنْداوقدْ كُنْتُ جَلْداً قبْلَ أن تُذْهِبَ النّوى:::ذَمايَ وأنْ تسْتأصِل العظْمَ والجِلْداأأجْحَدُحقَّالحِبِّوالدّمعُ شاهِدٌ:::وقد وقَعَ التّسْجيلُ منْ بعْدِ ما أدّىتَناثَرَ في إثْرِ الحُمولِ فَريدُهُ:::فللّهِ عيْناً مَنْ رأى الجوْهَرَ الفَرْداجرَى يَقَقاً في ملعَبِ الخدِّ أشْهَبا:::وأجْهَدَهُ ركْضُ الأسَى فجَرى ورْدا.في هذه اللوحة نجد أنّ الشاعر يتحدث عن عشقه وحبه، وحالته العاطفية، فيصف العاشق الذي يتمثل بالعشاق العذريين بأنه إنسان معذّب، فهو يحفظ العهد والوعد، ويعاني من لوعة الشوق، وحرارة العاطفة، فيصف الشاعر هذا العاشق بأنّه مثل فتيل السراج المحترق، الذي يحترق لأجل غيره، ولا ينال شيئًا بالمقابل، فليس له إلا الألم والدمع المنهمر من هذا الحب.

لوحة الرحلة إلى الأرض المقدّسةومُرْتَحِلٍ أجْرَيْتُ دمْعي خلْفَهُ:::ليُرْجِعَهُ فاسْتَنّ في إثْرِهِ قَصْداوقلْتُ لقَلْبي طِرْ إلَيْهِ برُقْعَتي:::فكانَ حَماماً في المَسيرِ بِها هَدّاسرَقْتُ صُواعَ العَزْمِ يوْمَ فِراقِهِ:::فلَجَّ ولمْ يَرْقُبْ سُواعاً ولا وُدّاوكحّلْتُ جَفْني منْ غُبارِ طَريقِهِ:::فأعْقَبَها دَمْعاً وأوْرَثَها سُهْداليَ اللهُ كمْ أهْذي بنَجْدٍ وحاجِرٍ:::وأُكْني بدَعْدٍ في غَرامي أو سُعْدىوما هوَ إلا الشّوْقُ ثارَ كَمينُهُ:::فأذْهَلَ نَفْساً لمْ تبِنْ عنْدَهُ قَصْداوما بيَ إلا أنْ سَرى الرّكْبُ مَوْهِنا:::وأعْمَلَ في رَمْلِ الحِمى النصَّ والوَخْداوجاشَتْ جُيوشُ الصّبْرِ والبَيْنِ والأسَى:::لديَّ فكانَ الصّبْرُ أضْعفَها جُنْداورُمْتُ نُهوضاً واعْتَزَمْتُ موَدِّعا:::فصَدّنيَ المِقْدارُ عنْ وجْهَتي صَدّارَقيقٌ بدَتْ للمُشْتَرينَ عُيوبُهُ:::ولمْ تلْتَفِتْ دعْواهُ فاسْتوْجَبَ الرّدّاتخلّفَ منّي ركْبُ طَيْبَةَ عانِيا:::أمَا آنَ للعاني المُعَنّى بأنْ يُفْدَىمخَلَّفُ سِرْبٍ قد أُصيبَ جَناحُهُ:::وطِرْنَ فلَمْ يسْطِعْ مَراحاً ولا مَغْدىنَشَدْتُكَ يا رَكْبَ الحِجازِ تضاءَلَتْ:::لكَ الأرْضُ مهْما اسْتَعْرَضَ السَّهْبُ وامْتَدّاوجمَّ لكَ المرْعى وأذْعَنَتِ الصّوى:::ولمْ تَفْتَقِدْ ظِلاً ظَليلاً ولا وِرْداإذا أنْتَ شافَهْتَ الدِّيارَ بطَيْبَةٍ:::وجِئْتَ بها القبْرَ المُقَدَّسَ واللّحْداوآنَسْتَ نُوراً منْ جَنابِ محمّدٍ:::يُداوي القُلوبَ الغُلْبَ والأعْيُنَ الرُّمْدافنُبْ عنْ بَعيدِ الدّارِ في ذلكَ الحمى:::وأذْرِ بهِ دمْعاً وعفِّرْ بهِ خَدّاوقُلْ يا رَسولَ اللّهِ عبْدٌ تقاصَرَتْ:::خُطاهُ وأضْحى منْ أحبّتِهِ فرْداولمْ يسْتَطِعْ من بعْدِ ما بَعُدَ المَدى:::سِوى لوْعةٍ تعْتادُ أو مِدْحَةٍ تُهْدىيصف الشاعر في هذه اللوحة حالته وهو ينظر إلى قافلة ترتحل إلى الديار المقدّسة، ولدى رؤيته لها أثارت في قلبه حزنًا كبيرًا؛ لعدم مرافقته لها، ويطلب الشاعر من قلبه أن يرافق هذه الرحلة، وأن يُحمّل أصحابها وصايا يلبونها له عندما يصلون تلك البلاد.ويصف الشاعر حالة من الحزن والألملعدم قدرته على الذهاب، فنراه يستعمل غبار القافلة كحلاً لعينيه، فهو يريد أي أثر من هذه القافلة، لكن الشاعر لم يجنِ إلا الدموع والبكاءوالحزن والأرق، ومن ثمّ يطلب من الله أن يعينه على هذا الحزن، فهو يحب تلك الأراضي، ويبغي زيارتها، ويتحدث عن حبه لها، كما تحدث العاشقون عن معشوقاتهم مثل دعد، وسعاد.وبعدها نجد أنّ الشاعر يصف صبره على فراق تلك الرحلة التي ذهبت دونه، ويشير إلى أنّ الصبر أضعف سماته في هذا الموضع بالذات، ويطلب الشاعر من راكبي الرحلة عندما يقتربون من أرض المدينة، ويصلون عند قبر الرسول الكريم، أن يبكوا عنده، وأن يتمسحوا بتراب قبره المبارك، وأن يذكروا الشاعر في الحضرة النبوية.

تحليل لوحة المديحتَدارَكْهُ يا غوْثَ العِبادِ برحْمَةٍ:::فجودُكَ ما أجْدى وكفُّكَ ما أنْدىأجارَ بكَ اللهُ العِبادَ منَ الرّدى:::وبوَّأهُمْ ظِلاً منَ الأمْنِ مُمْتَدّاحَمى دينُكَ الدّنْيا وأقْطَعَكَ الرِّضا:::وتوّجَكَ العُلْيا وألْبَسَكَ الحمْداوطهّرَ منْكَ القلْبَ لمّا اسْتخصّهُ:::فجَلَّلَهُ نوراً وأوْسَعَهُ رُشْدادَعاهُ فَما وَلّى هَداهُ فما غَوى:::سَقاهُ فما يَظْما جَلاهُ فَما يصْداتقدّمْتَ مُخْتاراً تأخّرْتَ مَبْعثاً:::فقَدْ شمَلَتْ علياؤُكَ القَبْلَ والبَعْداوعِلّةُ هَذا الكوْنِ أنْتَ وكلّما:::أعادَ فأنْتَ القصْدُ فيهِ وما أبْدىوهلْ هوَ إلا مَظْهَرٌ أنْتَ سِرُّهُ:::ليمْتازَ في الخَلْقِ المُكِبُّ منَ الأهْدىفمِنْ عالَمِ الأسْرارِ ذاتُكَ تجْتَلي:::ملامِحَ نورٍ لاحَ للطّوْرِ فانْهَدّاوفي عالَمِ الحِسِّ اغْتَدَيْتَ مُبَوّأ:::لتَشْفي مَنِ اسْتَشْفى وتَهْدي منِ اسْتَهْدىفما كنْتَ لوْلا أن تَبُثَّ هِدايَةَ:::مِنَ اللهِ مثْلَ الخلْقِ رسْماً ولا حَدّابِماذا عسى يُثْني عليْكَ مُقَصِّرٌ:::ولمْ يألُ فيكَ اللّهُ مدْحاً ولا حمْدابماذا عسى يُجزيكَ هاوٍ على شَفَى:::منَ النّارِ قدْ أسْكَنْتَهُ بعْدَها الخُلْداعليْكَ صلاةُ اللهِ يا خيْرَ مُرسَلٍ:::وأكْرَمَ هادٍ أوْضَحَالحَقّوالرُّشْداعليْكَ صلاةُ الله يا خيْرَ راحِمٍ:::وأشْفَقَ مَنْ يَثْني على رأفَةِ كَبْداعليْك صلاةُ اللهِ يا كاشِفَ العَمى:::وقد هبّ ليْلُ الشّكِّ وهْوَ قدِ ارْبَدّاإلى كمْ أُراني في البَطالَةِ كانِعاً:::وعُمْريَ قدْ ولّى ووِزْريَ قدْ عُدّاتقضّى زَماني في لعَلّ وفي عسى:::فلا عزْمَةٌ تمضي ولا لوْعَةٌ تهدأحُسامُ جَبانٍ كلّما شِيمَ نصْلُهُ:::تَراجَعَ بعْدَ العزْمِ والتَزَمَ الغِمْدا.في هذه اللوحة نجد أنّ الشاعر يبدأ قصيدتهبالدعاءوالتضرع، ويطلب من الرسول أن يكون شفيعًا له، فالشاعر يستجير بالنبي محمد، فهو صاحب مكانة ورفعة عند الله تعالى، فالله تعالى حمى رسالته المباركة، وجعلها رسالة عالمية للناس كافة، فالرسول الكريم جاء بدين يهذّب الجوارح، ويهذب الروح والنفس، ويختم الشاعر هذه القصيدة بالصلاة على النبي الكريم، ويمنح الشاعر النبي صفات جليلة عظيمة تناسب مقامه الأعظم.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *