كثير عزة
اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليكثيّر عزةكثير عزة يعتبر أحد أهم الشعراء فيالعصر الأموي، واسمه الكامل هو كثير بن عبد الرحمن بن الأسود بن عامر بن عويمر بن مخلد بن سعيد بن سبيع بن جعثمة بن سعد بن مليح بن عمرو وكنيته أبا صخر، وهو ابن أبي جمعة، وهو الملحي نسبة إلى قبيلة بني مليح، وكان له منزلة رفيعة عند الخلفاء في العصر الأموي، وخاصة عند الخليفة عبد الملك بن مروان، فكانوا يكرمونه ويعظمونه، وكان أهل الحجاز يفضلونه على الفرزدقوالأخطلوجرير.ولادته ونشأتهولد كثير عزة في مدينة بيسان بين المدينة وخيبر من شمالي الحجاز سنة 45 هجري مات أبوه وهو صغير السن فكفله عمه وكان يرعى له الغنم، وأمه هي جمعة بنت الأشيم لذلك كانوا ينادونه كثيّر بن أبي جمعة.صفته الخلقيةوصفه المرزباني في كتاب معجم الشعراء بأنه أبرش، قصير القامة، عليه خيلان في وجهه، بمعنى شامة سوداء، وكان كثيّر طويل العنق، وجهه أحمر، وكان شخصا متكبرا مغرورا، كما أنه كان يتشيع فيظهر ميله ومحبته لآل رسول الله عليه السلام ويقوم بهجوعبدالله بن الزبير.
قال الثعالبي: ورأيت في بعض التواريخ أن كُثَيِّر عزة كان طوله ثلاثة أشبار، أما الجاحظ فقد وصفه بالبخل وذلك عندما ذكره أثناء حديثه عن البخلاء بقوله: ومن أمنع من كُثَيِّر، أما ابن خلكان فقد ذكره بقوله: وكُثَيِّر: تصغير كثير وإنما صغر لأنه كان حقيراً شديد القصر، ويبدو أن هذه الآراء فيها الكثير من مجانبة الصواب، والغلو على شخصية كثيّر.إلا أنه كان فخورا بنفسه يدافع عن الدمامة والقصر في نفسه بأن هذه الصفات لا تعني كسله وخموله فهو عكس ذلك وفي هذا يقول:وَإِن أَكُ قَصراً في الرَجالِ فَإِنّنيإِذا حَلَّ أَمرٌ ساحَتي لَطَويلُشعره وفنونه وأغراضهمنح الله سبحانه وتعالى كثيّر ملكة الشعر، فكان شاعرا حساسا يتمتع بخيال خصب وأسلوب جميل مع متانة الصياغة وحسن استعمال المفردات في أمكنتها المناسبة، وعلى الرغم مما وصفه به البعض بالدمامة في الشكل، إلا أن الله عوضه بقدرته على النظم الجميل المتميز، فقام بتهذيب موهبته وصقلها بشكل جيد، ليأخذ مكانته بين الشعراء.أما ذكاؤه فكان يظهر بقدرته على الاطلاع على نتاج سابقيه من الشعراء ومن ثم نتاج من يعاصرونه فيحفظ الشعر ويرويه لغيره فبنى في نفسه ثقافة أدبية شعرية قوية مهدت لتميزه عن غيره، كما يوصف كثيّر عزة بأنه شاعر رقيق بدوي الأسلوب يجيد الغزل والوصف والمديح، وله رثاء قليل، كما كان كثيّر شاعراً مجيدا يجيد جميعأنواع الشعرويحسن في إجادته.
أما أغراض شعره فقد تنوعت بشكل كامل فمن الغزل إلى المدح،والرثاء، والهجاء، والفخر، والوصف، ولكن هذا لا يعني بالضرورة أن جميع القصائد في جميع الأغراض التي ذكرت كانت على نفس المستوى، بل نرى تفاوتا ملحوظا فيها حيث بلغ بعضها درجات أعلى من البعض ونعرض بعضًا من هذه الأغراض على النحو الآتي:المديحعلى الرغم من أن كثيّرا قد تتلمذ على يديجميل معمر، إلا أنه تفوق عليه في باب المديح وكان كثيِّر يستقصي المديح فيغوص في شمائل الممدوح التي يرتفع بها الرجال، يضاف إلى هذا أن كثير كان يقف موقف المؤرخ الصادق لأنه لم يكن ليمدح ويزيف الحقائق وإلا كان له خصومه بالمرصاد فهم العين الحارسة على الكلام، ومن أبرز أبيات المديح التي نظمها كثير:تَرى اِبنَ أَبي العاصي وَقَد صُفَّ دونَهُثَمانونَ أَلفاً قَد تَوافَت كُمولُهايُقَلِّبُ عَيني حَيَّةٍ بِمَحارَةٍأَضافَ إِلَيها السَارِياتِ سَبيلُهايَصُدُّ وَيُغضي وَهوَ لَيثُ خِفِيَّةٍإِذا أَمكَنَتهُ عَدوَةٌ لا يُقيلُهابَسَطتَ لِباغي العُرفِ كَفّاً بَسيطَةًتَنالُ العِدى بَلهَ الصَديقَ فضولُهاوَلَم يَكُ عَن عَفرٍ تَفَرُّعُكَ العُلىوَلَكِن مَواريثُ الجُدودِ تَؤولُهاالنسيب أو الغزلكثيّر عزة منشعراء الغزل العذري، أحبّ عزة حبًا كبيرا حتى اشتهر بها، وتفوق كثيّر على الشعراء في الغزل، ولولا ظروفه التي أحاطت بحياته وجعلت الناس ينظرون له بشيء من النقصان لاعترف له معاصروه بالإمامة في نظم الغزل، وكم وازن معاصريه بينه وبين جميل معمر، وفضلوه عليه في كثير من الأحيان وأعلنوا انتصاره على جميع أنداده مما يدلل على سلامة الذوق في العصر الأموي والحكم على الشعر،من أجمل ما قال كثيّر عزة في النسيب:أَيادي سبا يا عَزَّ ما كُنتُ بَعدَكُمفَلَم يَحلُ لِلعَينَينِ بَعدَكِ منظَرُوَقَد زَعَمَت أَني تَغَيَّرتُ بَعدَهاوَمَن ذا الَّذي يا عَزَّ لا يَتَغَيَّرُتَغيّرَ جِسمي وَالخَلِيقَةُ كالَّذيعَهِدتِ وَلَم يُخبَر بِسرِّكِ مُخبَرُأَبعِد اِبنِ لَيلى يَأَمَلُ الخُلدَ واحِدٌمِنَ الناسِ أَو يَرجو الثَراءَ مُثمِرُ