نبذة عن معلقة طرفة بن العبد
اقرأ أيضاًخصائص الخطابة: فن الخطابة والإلقاءالخطابة في العصر الجاهليطرفة بن العبدهو طرفة بن العبد بن سفيان البكري، واسمه في الحقيقة عمرو، ولكن غلب عليه لقبه الذي عُرف به وهو طرفة، ولد فيالبحرينونشأ يتيماً، ولكنه كان من عائلة غنية ميسورة الحال، فصار ينفق ماله في اللهو والنساء والخمر، مما أدّى إلى أن يسلبه أعمامُه حقه في المال، ولكنه لم يتعظ من ذلك فقد بقي على حاله حتى أنفق ماله كلّه، فسخطت عليه عشيرته، وابتعدت عنه، فابتعد عنهم أيضاً في مدة قضاها بالتجوال والغزو، حتى امتلأ قلبه بالندم فعاد لقريته وعشيرته، ويُقال إنّه لم يعمّر طويلاً فلقد توفي عن عمر يناهز العشرين سنة، وقيل إنه توفي بما يقارب 26 سنة، واختلف المؤرخون في سنة وفاته فقيل أنّه توفي سنة 552م، أو سنة 550م.ميزات شعر طرفة بن العبدلقد عُدّ منالشعراء الجاهليينالمبرزين، فشعره يمزج بين الرونق والجزالة، وعذوبة المشرب، كما أنه من أجود الشعراء فكلما طالت قصيدته حسُنت، وهو شاعر مطبوع، ولأنه ذو حسب في عشيرته الأمر الذي ساعده في شعره، وقد كان هجاءً.سبب نظم طرفة لمعلقتهيذكر أنّه كان لطرفة أخاً يدعى معبد، وكان عنده إبل قد ضلّت بسبب إهمال طرفة، فذهب طرفة إلى ابن عمه مالك راغباً في أن يعينه في استرجاعها، فأبى مالك مساعدته، بل وأنّبه وزاد على ما قاله له من تأنيب أخوه، ممّا أدى إلى اهتياج قريحة طرفة وقال ما قال من معلقته، ففيها يعاتب ابن عمه على تعنيفه له، كما أنه يأسف على عدم مقدرته على الرد عليه لعمق مكانته عنده، وندد في المعلقة أيضاً بما فعله فيه أعمامه بسبب ظلمهم له أكلين حقه، وهم الذين رفضوا مقاسمته المال بعد وفاة أبيه عندما كان صغيراً، ولكن حينما بلغت المعلقة ابن عمه الآخر (عمرو بن مرثد) قام بدعوة أبنائه السبعة وأمرهم أن يدفع كل واحد منهم عشرة من الإبل لطرفة، ثم أمر ثلاثة من أحفاده بالدفع له، وقد فعلوا ذلك.
معلقة طرفة بن العبدتميّزت المعلقة ذات 105 بيتاً بأنها ثانيالمعلقات الجاهلية، وهي متعددة الأغراض والأفكار، حيث يبتدئ بها كغيره من شعراء عصره بالأطلال فيقف واصفاً أطلال محبوبته خولة وحدودها، فتظهر عليه علامات الأسى والحزن، حتى يكاد يهلك وينتهي، حيث يقول:لخولة أطلال ببرقة ثهمدتلوح كباقي الوشم في ظاهر اليدوقوفًا بها صحبي عليّ مطيهميقولون لا تهلك أسى وتجلدثم يعود بذكرياته للماضي، فيسترجع ساعة فراقه منها ويعرض واصفاً موكب ارتحالها عنه، فيقول:كأن حدوج المالكية غدوةخلايا سفين بالنواصف من ددثم ينتقل فجأة ليبدأ بوصف ناقته التي ينفي بها الهم عندما يحضر، فيقول:وإني لأُمضي الهمَّ عند احتضارهِبِعوجاء مِرقالٍ تروح وتَغتديثم يمعن النظر في هذه الناقة فيصفها جزءاً جزءاً، حيث تبدو في تصويره كأنها ناقة ضخمة ذات جسم قوي مفتول العضلات، وقد شبه عظامها كأنها ألواح تابوت، كما تحدث عن غذائها، وكيفية جريها وسيرها، وذكائها، ونشاطها، ثم أنهى حديثه عنها بأنه يجوب المغاور ويخترق الطرق الوعرة دون أن يخاف فهو فتى الشدائد، وهذا كان مقدمة ليبدأ بالحديث عن نفسه، فيقول:على مثلها أمضي إذا قال صاحبيألا ليتني أفديك منها وأفتديوجاشت إليه النفس خوفًا وخالهمصابًا ولو أمسى على غير مرصدإذا القوم قالوا من فتى خلت أننيعنيت فلم أكسل ولم أتبلدفهنا يتحدث عن نفسه حيث يصوّر نفسه بشخص ذي أخلاق كريمة، وكونه بطلاً شهماً يعرفه الجميع، كما أن له مكان اجتماعية عليا في قومه، بالإضافة إلى أنه لا يستمع لمن يقوم بلومه على دخوله الحرب؛ فيعلل ذلك بأنّ ليس هناك ما يضمن على الخلود في هذه الحياة، ولكنه يذكر رأيه الذي ينم عن جاهلية وهي أنالموتيعني نهاية الإنسان أي أنه لا يؤمن بالآخرة، ولذلك يرى أنه على الإنسان أن يغتنم الفرص في حياته ويستمتع بها، فيقول:ولست بحلال التلاع مخافةولكن متى يسترفد القوم أرفدوإن تبغني في حلقة القوم تلقنيوإن تقتنصني في الحوانيت تصطدوإن يلتق الحي الجميع تلاقنيإلى ذروة البيت الرفيع المصمدرأيت بني غبراء لا ينكروننيولا أهل هذاك الطراف الممدألا أيهذا اللائمي أحضر الوغىوأن أشهد اللذات هل أنت مخلديفإن كنت لا تسطيع دفع منيتيفدعني أبادرها بما ملكت يديفذرني أروي هامتي في حياتهامخافة شرب في الحياة مصردكريم يروي نفسه في حياتهستعلم إن متنا غدًا أينا الصديأرى قبر نحام بخيل بمالهكقبر غوي فيالبطالةم سدوأكمل كلامه عن الموت، فقال:أرى الموت يعتام الكرام ويصطفيعقيلة مال الفاحش المتشددأرى الدهر كنزًا ناقصًا كل ليلةوما تنقص الأياموالدهرينفدلعمرك إن الموت ما أخطأ الفتىلكالطول المرخى وثنياه باليدمتى ما يشأ يومًا يقده لحتفهومن يك في حبل المنية ينقدثم يبدأ بالتعجّب من سلوك الظالمين والمعتدين على الحقوق وخاصة إذا كانوا من الأقارب الذين يجب أن يكونوا عوناً، وهذا من أهم أقسام المعلقة، حيث يقول:فما لي أراني وابن عمي مالكًامتى أدن منه ينأَ عني ويبعديلوم وما أدري علام يلومنيكما لامني في الحي قرط بن أعبدفلو كان مولاي امرأً هو غيرهلفرج كربي أو لأنظرني غدىولكن مولاي امرؤ هو خانقيعلى الشكر والتسآل أو أنا مفتديبلا حدث أحدثته وكمحدثهجائي وقذفي بالشكاة ومطرديوظلم ذوي القربى أشد مضاضةعلى المرء من وقع الحسام المهندأنا الرجل الضرب الذي تعرفونهخشاش كرأس الحية المتوقدفآليت لا ينفك كشحي بطانةلعضب رقيق الشفرتين مهندحسام إذا ما قمت منتصرًا بهكفى العود منه البدء ليس بمعضدأخي ثقة لا ينثني عن ضريبةإذا قيل مهلا قال حاجزه قديفإن مت فانعيني بما أنا أهلهوشقي عليّ الجيب يا ابنة معبدولا تجعليني كامرئ ليس همهكهمي ولا يغني غنائي ومشهديبطيء عن الجلى سريع إلى الخناذلول بأجماع الرجال ملهدلعمرك ما أمري علي بغمةنهاري ولا ليلي علي بسرمثم أنهى معلقته وختمها بتعجبه من هذه الحياة، فالأيام ستظهر ما تخفي، فيقول:ستبدي لك الأيام ما كنت جاهلاويأتيك بالأخبار من لم تزودويأتيك بالأنباء من لم تبع لهبتاتًا ولم تضرب له وقت موعد